تقرير موجز عن اسطورة المجد الفلسطيني عياش
في ذكرى استشهاده فلنقرأ الفاتحة على روحه الطاهرة
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله والحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه
قال تعالى"من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه, فمنهم من قضى نحبه, ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا."
اسطورة الصمود والجهاد"المهندس" يحيى عياش
هو المهندس الموهوب, المجاهد الشهيد يحيى عياش, الذى نذر نفسه ومواهبه ووقته وجهده,وكل ما يملك:لقضية هى الكبرى والاعظم,هى قضية المسلمين الاولى, قضيه ارض النبوات , ارض الاسراء والمعراج , ارض المسجد الاقصى الذى بارك حوله.
لقد سماه اخوانه (مهندس الاجيال) لانه استغل مواهبه وخبراته فى الهندسة والتخطيط للعماليات البطولية الاستشهادية ضد بطش الكيان الصيوني الغاصب وجبروته تلك العميات التى ارقت على اسرائيل ليلها وكدر عليها نهارها وجعلتها تبيت مفزعة وتصحو قلقة خائفة من اولئك الشباب الذين باعو ارواحهم لله ولم يبالوا بما يصيبهم (ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة فى سبيل الله, ولا يطؤون موطئا يغيظ الكفار, ولا ينالون من عدو نيلا الا كتب بها عمل صالح, ان الله لا يضيع اجر المحسنسن)
نحن هنا لنتحدث عن المجاهد القسامي "يحيى عياش" ونذكر بعض عملياته التى هدمت اسكورة الردع والجيش الذى لا يقهر واستطاع ان يطور من اساليب وتكتيكات المقاوة المباركة.
ولد يحيى عبد اللطيف عيّاش في 6 آذار/ مارس 1966 في قرية بديا جنوب غرب مدينة نابلس في الضفة الغربية المحتلة .
درس في قريته حتى أنهى المرحلة الثانوية فيها بتفوق أهله للدراسة في جامعة بيرزيت .
تخرج من كلية الهندسة قسم الهندسة الكهربائية في العام 1988 .
تزوج إحدى قريباته وأنجب منها ولدين(براءويحيى).
نشط في صفوف كتائب الشهيد عز الدين القسام منذ مطلع العام 1992 وتركز نشاطه في مجال تركيب العبوات الناسفة من مواد أولية متوفرة في الأراضي الفلسطينية، وطور لاحقاً أسلوب الهجمات الاستشهادية عقب مذبحة المسجد الإبراهيمي في شباط/ فبراير 1994، اعتبر مسؤولاً عن سلسلة الهجمات الاستشهادية مما جعله هدفاً مركزياً للعدو الصهيوني .
ظل ملاحقاً ثلاث سنوات، وقد تمكن العدو من اغتياله بعد أن جند لملاحقة المجاهد البطل مئات العملاء والمخبرين .
اغتيل في بيت لاهيا شمال قطاع غزة بتاريخ 5 كانون ثاني/ يناير 1996 باستخدام عبوة ناسفة زرعت في هاتف نقال كان يستخدمه الشهيد يحيى عيّاش أحياناً .
خرج في جنازته نحو نصف مليون فلسطيني في قطاع غزة وحده .
نفذ مجاهدو الكتائب سلسلة هجمات استشهادية ثأراً لاستشهاده أدت إلى مصرع نحو 70 صهيونياً وجرح مئات آخرين
القتل بالقتل.. هكذا العدل
بدأت عبقريته العسكرية تتجلى مع انطلاق شرارة الانتفاضة الأولى 1987م، كتب أبو البراء رسالة إلى كتائب الشهيد عزّ الدِّين القسَّام يوضح لهم فيها خطةً لمجاهدة اليهود عبر العمليات الاستشهادية، وأُعطي الضوء الأخضر، وأصبحت مهمة يحيى عيَّاش إعداد السيارات المفخخة والعبوات شديدة الانفجار.
ولكن الولادة الحقيقية للمهندس وعملياته العبقرية كانت إثر رصاصات باروخ جولدشتاين وهي تتفجر في رؤوس الساجدين في الحرم الإبراهيمي في رمضان عام 1994م.
ففي ذكرى الأربعين للمجزرة كان الرد الأول؛ حيث فجَّر الاستشهادي "رائد زكارنة" (عكاشة الاستشهاديين) حقيبة المهندس في مدينة العفولة؛ ليمزق معه ثمانية من الصهاينة ويصيب العشرات.
وبعد أسبوع تقريبًا فجَّر "عمار العمارنة" نفسه؛ لتسقط خمس جثث أخرى من القتلة.
وبعد أقل من شهر عجَّل جيش الاحتلال الانسحاب من غزة، ولكن في 19-10-94 انطلق الشهيد "صالح نزال" إلى شارع ديزنغوف في وسط تل أبيب ليحمل حقيبة المهندس ويفجرها ويقتل معه اثنين وعشرين صهيونيًّا.
وتتوالى صفوف الاستشهاديين لتبلغ خسائر العدو في عمليات المهندس عياش في تلك الفترة 76 صهيونيًّا، و400 جريح.
عذابات من أجل اللقاء
تعتبر فترات الملاحقة في حياة الشهيد من الفترات المجهولة في حياة فارسنا؛ فمنذ 25 أبريل 1993م عرفت مخابرات العدو اسم عيَّاش كمهندس العبوات المتفجرة، والسيارات المفخخة التي أقضت مضاجع العدو، وتروي زوجته "أسرار" ملاحقة جيش الاحتلال لأسرة المهندس.
قالت زوجته: "مكثت في بيت عمي في بداية فترة مطاردة يحيى متخفية عن أنظار الجيران حتى إذا ذهبت لزيارته لا يشك بذلك أحد، وقبل ذهابي إلى غزة أرسل إليَّ يحيى رسالة مكتوبة بخط يده الذي أميزه بين آلاف الخطوط يستشيرني في إمكانية مغادرتي الضفة الغربية، وتشاورت في الأمر مع والد زوجي، وقررت الذهاب إلى زوجي، ثم اصطحبني أحد الإخوة المجاهدين عن طريق كلمة سر قالها لي لا يعرفها أحد سواي أنا ويحيى، فاصطحبني الشاب ووالدة يحيي وابني البراء، وكان الشاب يحمل معه العديد من البطاقات الشخصية المزيفة ليسهّل علينا دخول الحواجز".
لقد كانوا يجتازون كل حاجز إسرائيلي باسم مستعار مختلف وبسيارة أخرى غير السيارة الأولى، حتى يتخفوا على جنود الاحتلال، كما أن الشاب كان يمتلك قدرة فائقة على التنكر حسب شكل الصورة التي كانت تحملها البطاقة الشخصية المزيفة.
أما بالنسبة لأم البراء ووالدة المهندس فقد كان الأمر سهلا؛ لأن قوات الاحتلال لم تكن آنذاك تدقق كثيرًا في صور النساء.
وتذكر أم البراء: "لم يكن يمكث عندنا في الأسبوع سوى ساعات معدودة، ثم يخرج دون أن أعلم إلى أين مقصده، فحياة المطاردة وإن كانت مليئة بالأخطار فهي تمتاز بحلاوة الجهاد التي لا يمكن لأحد أن يتذوقها غير المجاهد".
كابوس يهدد دولة
تحوَّل المهندس بعملياته الاستشهادية إلى كابوس يهدد أمن الدولة العبرية وأفراد جيشها الذي يدِّعي أنه لا يُقهر بل وقادته أيضًا؛ حيث بلغ الهوس الإسرائيلي ذروته حين قال رئيس وزراء الكيان الصهيوني آنذاك إسحق رابين: "أخشى أن يكون عياش جالسًا بيننا في الكنيست". وقوله أيضًا: "لا أشك أن المهندس يمتلك قدرات خارقة لا يملكها غيره، وإن استمرار وجوده طليقًا يمثل خطرًا واضحًا على أمن إسرائيل واستقرارها".
ولا يعتبر كثير من الباحثين الإسرائيليين أن يحيى نبتٌ منفردٌ، لكنه وليد محضن تربوي ونسق فكري، وهو ما حدا بأحدهم أن يصرِّح: "إن المشكلة في البيئة العقائدية الأصولية التي يتنفس المهندس من رئتها؛ فهي التي تفرز ظاهرة المهندس وظاهرة الرجال المستعدين للموت في سبيل عقيدتهم".
أما "موشيه شاحاك" وزير الأمن الداخلي الصهيوني السابق فقد قال: "لا أستطيع أن أصف المهندس يحيى عيَّاش إلا بالمعجزة؛ فدولة إسرائيل بكافة أجهزتها لا تستطيع أن تضع حدًّا لعملياته التخريبية".
كما كتبت الصحف العبرية عن مواصفاته، ونشرت عدة صور مختلفة له لتحذر الشعب الصهيوني منه تحت عنوان رئيسي "اعرف عدوك رقم 1 .. يحيى عيَّاش".
وأخيرًا.. ارتاح المقاتل الصلب
بعد أربع سنوات مليئة بأشلاء الصهاينة تمكَّن جهاز الشاباك من الوصول إلى معلومات عن موقع المهندس، وتسلله إلى قطاع غزة عبر دائرة الأشخاص الأقرب إلى أبي البراء.
وكما يروي "أسامة حماد" صديق المهندس والشاهد الوحيد على عملية الاغتيال فإن يحيى التجأ إليه قبل خمسة أشهر من استشهاده؛ حيث آواه في منزله دون أن يعلم أحد، وكان كمال حماد –وهو خال أسامة ويعمل مقاول بناء- على صلة وثيقة بالمخابرات الإسرائيلية يلمِّح لأسامة بإمكانية إعطائه جهاز "بيلفون" لاستخدامه، وكان كمال يأخذ جهاز البيلفون ليوم أو يومين ثم يعيده، وقد اعتاد والد المهندس الاتصال بيحيى عبر البيلفون، وقد طلب منه يحيى مرارًا الاتصال على الهاتف المنزلي، وقد اتفق يحيى مع والده على الاتصال به صباح الجمعة على الهاتف المنزلي.
وفي صباح يوم الجمعة الخامس من يناير 1996م اتصل كمال حماد بأسامة وطلب منه فتح الهاتف المتنقل؛ لأنه يريد الاتصال من إسرائيل، واتضح أن خط هاتف البيت مقطوع.. وفي الساعة التاسعة صباحًا اتصل والد يحيى على الهاتف المتنقل وقد أبلغ أسامة أنه لم يستطع الاتصال على الهاتف المنزلي.
وما كاد المهندس يُمسك بالهاتف ويقول لوالده: "يا أبي لا تتصل على البيلفون…"، عندها دوى انفجار وسقط المهندس لينفجر الرأس الذي طالما خطَّط ودبَّر في كيفية الانتقام من الصهاينة.. وتتناثر أجزاء من هذا الدماغ الطاهر لتعلن عن نهاية أسطورة خلَّفت وراءها العشرات من المهندسين ممن أرقوا مضاجع الاحتلال، وما زالوا أبناء لمدرسة عياش.
وتبين فيما بعد أن عبوة ناسفة تزن 50 جراما قد انفجرت في الهاتف النقَّال ليهوي الجسد المتعب ويستريح من عناء السفر.. يستريح المقاتل الصلب بعد سنوات الجهاد، ويصعد إلى العلا والمجد.
صورة قبر الشهيد
رسالة خطية للشهيد
وهذا نص الرسالة كاملا
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وقائد المجاهدين وعلى آله وصحبه أجمعين..
أهلي الأعزاء، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أبعث لكم رسالتي سائلا المولى -عز وجل- أن تصلكم وأنتم في خير حال. وقد كتبت لكم هذه الرسالة كي أطمئنكم، و(ما دام) لم تسمعوا في الإذاعة (شيء) عني فإني بخير.
كم سررت عندما عرفت أن معنوياتكم كانت عالية بعد استشهاد الأخوين بشار وعلي؛ لأن ما (أصابهم) لا بد (منه) أن يصيبنا. والله (كتب) لهم الشهادة كي يستريحوا من عناء الدنيا، وأسأل الله ألا يحرمنا أجرهم، وألا يفتننا بعدهم، وأن يغفر لنا ولهم.
أبي العزيز أمي الحنونة كيف حالكم؟ لا تنسونا من دعائكم، وأن ترضوا عني وعن (أخوتي) مرعي ويونس و(أبلغوهم) سلامي الحار لهم. وأسأل الله أن يفرج عنهم وأن يفك أسرهم.
وأنتما يا أم البراء ويا أم راشد أيتها الصابرات المحتسبات، اصبرن واحتسبن أجركن عند الله تعالى، وأحسنّ تربية الأولاد: براء وراشد وآلاء، وأحسنّ معاملة أبي وأمي، ولا تتشاجرن، وكن مثالا للأخوات.
أهلي الأعزاء جميعا قد تطول الفُرقة؛ فعليكم بالصبر والاحتساب، وأسأل الله أن أراكم قريبا، وأنتم تعلمون صعوبة الظروف، ولن أدخر جهدا كي أراكم. اعذروني؛ فأنا لم أتعود كتابة الرسائل، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ابنكم
يحيى